منصة الصباح

هل تعلم معاليك !!!

ھل یعلم رئیس الحكومة بأن وزیرة الشؤون الاجتماعیة التي تزور الجزائر الآن للمشاركة في اجتماعات لجنة الحمایة الاجتماعیة ومن قبلھا حطت في الأمم المتحدة لمناقشة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ومن قبلھا كانت في ألمانیا تلتقط الصور وتوقع على مضامین اتفاق “عمان للثقافة – برلین” لحمایة وحفظ حقوق ذوي الإعاقة.

وھل یعلم نظرائھا في ھذه الدول والتجمعات الذین احاطتھم وناقشت معھم أوضاع ذوي الإعاقة والحمایة الاجتماعیة في بلادنا..

بأننا نقلنا “لمعالیھا “— وجھاً لوجھ — حكایة طفلة لیبیة تبلغ من العمر عشر سنوات، تحمل في دمھا فیروس الإیدز منذ ولادتھا،لا تغادر مكانھا ولا تذھب للمدرسة ولا تعرف الأصدقاء ولا تشتري الحلوى ولا تستطیع الذھاب حتى إلى الحمام، فھي مقعدة، خذلتھا مناعتھا أمام فیروس شلل الأطفال.. لتتحول لعجزٌ تامّ، ووجع لا یُقال.

وبأنھا لا تجد دائمًا حفاضًا یلیق بحاجتھا، فتلتفّ الأم حول العوز بما تملك خِرَق قدیمة او قماش بالٍ، وأمل لا یذبل.

ھل تعلم یا معالي الرئیس أنّ الحفاضات تُعتبر رفاھیة في بیت یُصارع المرض والفقر معاً في لیبیا البترول، فلا مرتب ولا معاش أساسي لھا، لأنھا — ببساطة — غیر موجودة في السجلات.

نعم، غیر مسجلة.

توفي والدھا قبل أن یُثبت نسبھا.

لتظلّ وأخوتھا على ھامش السجلات المدنیة، وعلى ھامش الحیاة.

لا حقوق مدنیة، ولا صحیة، ولا تعلیم، ولا حتى نظرة رأفة.

ھل یعلم سیادته بأن معالي الوزیرة التي جابت ثلاث قارات في ثلاثة أشھر، ولم تنسَ أن توثق كل محطة بصور بروتوكولیة أنیقة، لم تكلف نفسھا عناء التحقق من أن الطفلة ما تزال ھناك؟

في غرفة بلا باب، بلا بلاط بلا تھویة بلا سقف لائق.

تحت رحمة سطح آیل للسقوط، على حافة زقاق بالمدینة القدیمة، تتقاسم الضیق مع أم منھكة، وطفلین آخرین، وقصص من العوز والخذلان.

تجاورھا الحیطان المھترئة… وحبة “المناعة” اللعینة التي تنتظرھا كل صباح.

ھل یعلم بأن السیدة المكلفة أمام ﷲ أولاً وأمامھ وأمامنا بتسییر وزارة مسؤولة عن تحسین جودة حیاة المواطنین عامة وأولئك الأكثر ضعفاً وھشاشة..

لم تتصل، لم تسأل، لم تتابع منذ ذلك اللقاء..

ھل تعلم أن كل المحاولات التي قمنا بھا، كمواطنین وحتى كصحفیین، للوصول إلى لجنتھا أو مسؤولي الدعم المكلفین من قبلھا، اصطدمت بجدران الصمت، والامتناع عن الرد، وكأن الطفلة مجرد صفحة طُویت من دفتر اجتماع؟

ھل تعلم سیادتك … معالیك … أن الطفلة ما زالت ھناك؟

تنتظر حفاضة.

تنتظر سریرًا نظیفًا.

تنتظر بیتًا لا یسقط.

تنتظر أن نعترف بھا ككائن لھ حق في أن یعیش.

ھل تعلم أن ما نطلبھ بحكم الدین والعرف والقانون لیس صدقة؟

بل حقًا بسیطًا في حیاة كریمة، في تعلیم، في صحة، في نظرة غیر مشروطة بالورق والأختام.

ھل یعلم أحد؟

أم أن كل ما یحدث ھنا… لا یصل إلى ھناك!!!

إيناس احميدة

شاهد أيضاً

حُرُوبُ الإعْلَامِ… وزَعْزَعَةُ الوِئَامِ

        منذ القدم لم تكن الحروب تخاض بالقوة العسكرية فقط، بل تدار أيضاً بالإعلام وإن …