عبدالرزاق الداهش
أكثر من أربعة أخماس الليبيين ليس بوسعهم تحمل تبعات حرب أخرى، قد تأتي على ما تبقى من اليابس بعد أن احرقت كل ما كان من الاخضر.
وأكثر من أربعة أخماس الليبيين ليس بمقدورهم تحمل إيقاف اخر لصادرات النفط، أو ارتفاع أخر لمعدلات التضخم، أو معاناة أخرى تضاف إلى معاناتهم، وعذاباتهم.
هؤلاء الاربعة أخماس، هم الأغلبية الصامتة، والأغلبية المعذبة، ونستطيع أن نقول الأغلبية الصابرة.
هذه الاغلبية هي التي تدفع نفقات كل الحروب، غير الواجبة، وغير العاقلة، من دم ولحم أولادها.
وهذه الأغلبية هي التي تدفع ثمن ايقافات النفط، وقطع المياه، والعجز في توليد الطاقة الكهربائية، وشح السيولة، ولهيب الأسعار، وتردي النظام الصحي، والتعليمي.
ولكم أن تراجعوا قوائم ضحايا الحروب، ممن فقدوا اطرافهم، وممن فقدوا حياتهم، وممن فقدوا راحة بالهم على أقل تقدير.
ولكم أن تروا من باعوا حتى خواتم زواجهم، ومن تركوا جوازات سفرهم في المصحات الخاصة، ومن يكتوون من انقطاع الكهرباء، ومن يشترون حتى رغيف الخبز بالدين.
ولكم أن تقفوا على من لا يستطيع شراء حفاظ لمقعد، أو جرعة إنسولين لمريض سكري، مهدد بفقدان البصر، والفشل الكلوي. واشياء اخرى قد لا تكون خافية عليكم.
خمسة وثمانين بالمئة من الليبيين، ممن يدفعون فاتورة الصراع على السلطة، وفاتورة الصراع على الثروة، لا علاقة لهم بالسلطة، وتتكدس الثروة عند غيرهم.
نعم أكثر من خمسة ارباع الليبيين لا يصّيفون في الخارج، ولا يعلمون أولادهم في المدارس الاجنبية، ولا يملكون احزابا، ولا يشاركون حتى في الانتخابات، ولا يبنون العمارات في انطاكيا، والحمامات، وبرشلونة، ويعجزون على صيانة نافذة في بيوتهم المتهالكة.
وأكثر من خمسة أرباع الليبيين، لا يعرفون الاعتمادات المستندية، ولا يدرون عن ديور فيرزاتشي شانيل، هل هي ماركات حقائب، ام ادوية جلدية؟
هؤلاء ينبغي أن يكونوا شركاء في الوطن، لا غفراء على حوافه.