منصة الصباح
أزمة الأعلاف تهدد قطاع الدواجن والأوبئة تلتهم القطيع

أزمة الأعلاف تهدد قطاع الدواجن والأوبئة تلتهم القطيع

تحقيق / إبراهيم الحداد

يُمثل قطاع الدواجن في ليبيا حجر الزاوية في تحقيق الأمن الغذائي وتوفير البروتين الحيواني بأسعار مقبولة نسبياً للمواطن الليبي.

ومع ذلك، يقف القطاع اليوم عند مفترق طرق حرج، حيث تتسارع معدلات الطلب الاستهلاكي في مقابل تعثّر القدرة الإنتاجية المحلية في تلبية هذا الطلب.

هذه الفجوة الهيكلية، التي تفرض على البلاد الاعتماد المستمر على الواردات، لا تُعزى فقط إلى نقص الاستثمار، بل إلى مجموعة معقدة من التحديات المالية واللوجستية والبيطرية التي تعيق استدامة ونمو المشاريع القائمة.

وتحليل واقع هذا القطاع يتطلب النظر بعمق في التكاليف الهائلة للأعلاف المستوردة، وانتشار الأمراض الوبائية، والمنافسة غير المنظمة من البيض والدواجن المستوردة.

فجوة الإنتاج والاستهلاك والإحصاءات المفقودة

بالنظر إلى هذا المجال الحيوي، لا تتوفر إحصائيات حكومية حديثة أو مطلقة عن أعداد المزارع أو الطيور، مما يجعل الاعتماد على التقديرات التحليلية أمراً حتمياً.
تقديرات أعداد الطيور: تشير التقديرات السابقة، التي يعود عمرها إلى أكثر من 15 سنة، إلى أن إجمالي عدد الطيور التي تُربى سنوياً في البلاد يبلغ حوالي 2 مليون طائر تقريباً، أغلبها من دجاج اللحم، مع وجود تباين كبير بين إنتاج الدواجن اللاحمة وبيض المائدة.

الاستهلاك مقابل الإنتاج

يقدر الاستهلاك الفردي السنوي من بيض المائدة في ليبيا بمتوسط يتراوح بين 150 الي 160 بيضة ، وهو ما يوازي حوالي 10كيلوا غرامات من البيض للفرد سنويا.

الليبي يستهلك 150 بيضة في السنة

هذا المعدل، وإن كان متواضعاً مقارنة بالدول المتقدمة، يظل أعلى بكثير من القدرة الإنتاجية المحلية، مما يولد عجزاً مستمراً يُغطى عبر الاستيراد، غالباً من دول الجوار.

أزمة الاستيراد

يواجه المربي الليبي ضغطاً مالياً هائلاً نتيجة الاعتماد شبه الكلي على الخارج، وتُشكل الأعلاف المستوردة النسبة الأكبر من التكاليف، وكمثال تتجاوز تكلفة إنتاج الكيلوغرام الواحد من اللحم البالغ حالياً 15 دينار ليبي، 90% من الإجمالي أي 13.5 دنانير كأعلاف، والطبق من البيض البالغ 20 ديناراً أي 18 دينار تقريباً.

وهذا الاعتماد الكامل على استيراد المدخلات الأساسية، خاصة الذرة وفول الصويا (اللتين تشكلان أكثر من 95% من مدخلات الإنتاج كمصدر رئيس للطاقة والبروتين على التوالي)، يجعل القطاع تحت رحمة تقلبات أسعار الصرف والأسواق العالمية.
هذا الوضع يرفع سعر المنتج الليبي النهائي ويقلل من قدرته التنافسية، ويعيق قدرة المصانع المحلية على تحقيق الاكتفاء الذاتي والعمل بأقصى طاقتها.

رؤية مستقبلية (شهادة من الميدان)
الغذاء والدواء وتقلبات سوق النقد اكبر مخاوف مربي الدواجن

يرى أحد المربين الكبار في منطقة قصر بن غشير جنوب العاصمة «أبوبكر أبوشهيوه» أن إعادة هيكلة قطاع الدواجن الليبي تتطلب جهداً مضاعفاً، ويؤكد على ضرورة العمل على توطين صناعة الأعلاف لتقليل الاعتماد على النقد الأجنبي، وتفعيل برامج وقائية بيطرية عاجلة ومستمرة لمكافحة الأوبئة، إلى جانب تطبيق معايير صارمة على سلاسل التبريد والنقل المحلي والواردات لضمان جودة وسلامة المنتج المقدم للمستهلك الليبي.

وعليه، يظل قطاع الدواجن الليبي رهينة لسياسات الاستيراد المعقدة، وأزمة النقد الأجنبي التي تشل حركة مصانع الأعلاف. إن تحويل هذا القطاع من مجرد مستهلك للواردات إلى صانع للاكتفاء الذاتي يتطلب إرادة حقيقية لتوحيد جهود الرقابة البيطرية، ودعم توطين زراعة الأعلاف، لضمان استدامة الأمن الغذائي الوطني في وجه التقلبات العالمية.

 

 

 

 

شاهد أيضاً

المقاهي العشوائية تقتل الحياة في مدننا

المقاهي العشوائية تقتل الحياة في مدننا

‏استطلاع/ عفاف التاورغي ‏في كل شارع، يطل علينا مشهد أصبح مألوفًا، يثير التساؤل والقلق: مقاهٍ …