بقلم : آمنة الهشيك / أستاذة قانون
ورد النص على جريمتي السب و التشهير في المادة (438) ،(439) في الباب الخامس من قانون العقوبات الليبي ،تحت بند (الجرائم الماسة بالشرف) لما لها من مساس بسمعة المجني عليه سواء على المستوى الشخصي من حيث شعوره النفسي أو على المستوى الاجتماعي من حيث قيمته ومكانته في المجتمع، ونظرا للتطور الملحوظ في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي تكاد تكون من الجرائم الأكثر شيوعا ، لما لهذه المواقع من سعة الانتشار.
فجريمة السب تقع بحضور المجني عليه، بينما جريمة التشهير تقع في غيابه لدى عدة أشخاص أو على مواقع التواصل الاجتماعي لذلك عقوبتها أشد ، وبغض النظر عما صدر من الجاني من ألفاظ إن كانت صحيحة أو خاطئة ، بحسن نية أو بسوء نية ، لا يمنع من معاقبته متى قدم المجني عليه شكوى ضده ، وهذا ما نص عليه القانون الليبي بشكل صريح في المادة (440) ع “بأنه لا يمكن للفاعل في جريمتي (السب والتشهير ) بأن يثبت براءته بإثبات حقيقة ما أسنده على المجني عليه” إلا أن هناك حالات خاصة ورد النص عليها في قانون العقوبات يمتنع فيها عقاب الفاعل .
فما هي الحالات الخاصة التي ينبغي توافرها ليعفى الفاعل من العقاب ؟
(1) يجوز للفاعل أو للمعتدي، الحصول على البراءة ، وذلك بعد إثبات صحة ما أسنده على المعتدى عليه، ضمن ثلاث استثناءات :
* أ/ إذا كان المعتدي عليه موظف عمومي ، وهو من أنيط بمهمة عامة سواء كان موظف عام أو مستخدم دائم أو مؤقت براتب أو بدون راتب ” بشرط أن يكون التشهير متعلقا بممارسة الموظف واجباته الوظيفية أي بسبب أدائه الوظيفة أو الخدمة المناط بها ،وليس متعلق بحياته الشخصية ، كما يستفيد الفاعل حتى وإن زالت عن الموظف العمومي هذه الصفة ، والحكمة في إباحة التشهير بالموظفين العموميين في هذه الحالة ،إنما يرجع للمصلحة العامة في الكشف عن الحقيقة ومدى إخلالهم بواجباتهم وإساءة استعمال الوظيفة ، وينبغي التأكيد هنا حتى يعفى الفاعل من العقوبة ، أن يكون ما استند عليه تحوي معلومات صحيحة لها الحجية في إثبات برائته.
* ب/ إذا وقعت الجريمة ضد أحد المترشَحين أثناء فترة الانتخابات العامة .ولعل إباحة هذا الفعل يعود إلى حق كل مواطن في معرفة من سيختار باعتبار أنه سيكون ممثلا له في الانتخابات العامة البرلمانية أو الرئاسية.
* ج/ إذا كان الأمر المسند إلى المعتدى عليه موضوع إجراء جنائي قائم أو مزمع اتخاذه ضده ،أو في حالة صدور حكم جنائي ضده.
(2) إذا كان السب والتشهير وقع أمام السلطات القضائية والإدارية ،حيث نص في المادة (442) ” لا عقاب على ما تضمنته المحررات التي يقدمها أو يدلي بها الخصوم أو وكلائهم في المرافعات أمام السلطات القضائية أو الإدارية …..” وإقرار هذا الحق في الفقرة والذي يعد من (أسباب الإباحة )، إنما يعود إلى احترام الحق في حرية المناقشة والدفاع المضمونة للأطراف أو وكلائهم (المحامون ) حيث ينصرف هذا الحق لجميع الدعاوى القضائية والجنائية والإدارية ولجان التحكيم
(3) إذا كان رداً على اعتداء أو استفزاز ، ويقصد به إذا وقع على الفاعل اعتداء ظالم بأن تعرض لسب أو تشهير دون وجه حق ، دفعه إلى الرد والتلفظ بعبارات تسيء للمجني عليه تحت تأثير الانفعال . وهذا ما ورد النص عليه في المادة (443)ع ، “بأنه لا يعاقب الشخص إذا كان قد ارتكب أحد الأفعال المنصوص عليها في (جريمتي السب والتشهير ) وهو في حالة غضب فور وقوع اعتداء ظالم عليه ” و بالتأكيد لا يستفيد الفاعل من العذر إذا كان الرد على الاعتداء تم بوسيلة أخرى كالضرب مثلا ،كما يشترط ن يكون سلوكه كرد فعل فور اعتداء ظالم عليه .