منصة الصباح

لماذا لانتغير ..؟

إطلالة

بقلم : جمال الزائدي

ثمة سؤال لايستطيع عقل واع تجاوز شرعيته وضرورته يمكن صياغته على النحو التالي .. ماالذي يجعل شعوبا تحتكم لصناديق الاقتراع وأخرى تحتكم لصناديق الذخيرة..؟

المؤكد أن الشعوب ليست هي من يختار طريقة إدارة الصراع ، لكنها النخب التي تملك القدرة والارادة .. وإذا كنا في صدد البحث عن متهم لإدانته والحكم عليه فيمكننا ببساطة الاكتفاء بهذه النتيجة البديهية والقول مع القائلين إن الامر كله مسؤولية النخبة ، وبذلك نقفل باب النقاش بضمير مرتاح..غير أننا وبعد كل ذلك  لم نجب عن السؤال الذي صار من كثرة تكراره أقرب شبها لسؤال البيضة والدجاجة ، لأننا في كل مرة نحاول الاجابة عنه نتجاهل  الحقيقة الثقافية التي جعلت منه سؤالا ملحا ومنطقيا ومثيرا للتفكير والانشغال.. التباين الحاد في ميكانيزمات وصيرورة الصراع بين مجتمع وآخر ، دائما نتاج بنية ثقافية مختلفة .. صندوق الاقتراع تتويج اكثر من ضروري للفكرة المؤسسة للمنطق العام الذي يعطي الجميع الحق في الاختلاف عن الجميع ، فيما يشبه القاعدة الفقهية المنسوبة للامام الشافعي رضي الله عنه «رأيه صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب» ..ووفق هذا السياق لامعنى ولاوجود للحقيقة المطلقة التي يعتقد كل فرد أو كل جماعة او كل حزب إمتلاكها دونا عن الآخرين..يسري هذا على حقل الممارسة السياسية تحت سقف المواطنة مرورا بحقل الفكر والضمير وصولا إلى العلاقة الأزلية المتوترة بين المرأة والرجل..هنا يستبد مبدأ النسبية ولاشيء غيره .. على الضفة المقابلة ..صندوق الذخيرة ينتمي إلى عالم الشوكة والمغالبة والفتوحات والحقائق المطلقة المتدثرة بعباءة المقدس الديني والاجتماعي المعتق عبر العصور ..وتحت مبرر الخصوصية  الثقافية تتحصن مجتمعات صندوق الذخيرة سواء تلك التي سقطت في جب الفوضى الآن أو تلك التي مازالت تنتظر دورها وراء جدار شاهق من الجمود والتحجر الفكري والمعرفي المعزز بميراث رمزي منزه عن النقد وإعادة القراءة والفحص العلمي على ضوء المناهج الحديثة..

الحقيقة التي نتهرب من الاعتراف بها أن التحول من أسر الذخيرة إلى براح الاقتراع يستوجب سلسلة زلازل متتابعة تبدأ من الطبقات الجيولوجية الاعمق في العقل الجمعي للأمة ولاتنتهي عند شواطىء النصوص التأسيسية الحاكمة في الذهنية القاعدية كما يسميها المنصف وناس ..التحول المأمول لن تنجزه شعارات نرفعها للاستهلاك الداخلي او للتصدير الخارجي ، لا يكفي أن نتخذ بشأنه قرارا فوقيا أو حتى شعبيا ليتحقق في التو واللحظة وليس من المنطقي أن نقرر استيراد الفكرة مجتزئة عن بيئتها لان الديمقراطية ليست نظام حكم بل نظام حياة وطريقة تفكير..

يقولون إن نصف العلاج تشخيص المرض  ..ومرضنا ليس فقط نقص الإرادة السياسية والاجتماعية ، لكنه – وهذا الأهم –  والاخطر – فقر البيئة الثقافية والفكرية لأسس التغيير والتطور..إذ لا تغني حاجتنا للديمقراطية عن استعدادنا لتقبل إشباع هذا الاحتياج ..

 

شاهد أيضاً

أحمد الصابر يتصدر في مسابقة الجامعة الإسلامية بالسعودية

حصل الشيخ أحمد محمد الصابر على  الترتيب الأول في مسابقة الجامعة الإسلامية التي أقيمت في …