منصة الصباح

سيرة عراب

إطلالة

جمال الزائدي

التعليق على كتاب شخص رحل عن هذه الدنيا الفانية يبدو لي أكثر صعوبة من التعليق على كتاب شخص على قيد الحياة..ببساطة لأن التعليق لابد له من أن يتضمن جانبا نقديا يصل أحيانا حد القسوة دون أن يكون لصاحب الكتاب القدرة على الرد والدفاع عن نفسه لأن الموت يمنعه من ذلك ..لكن في النهاية لامهرب لي من الوفاء بعهد قطعته على نفسي والكتابة عن السيرة الذاتية للكاتب والأديب الراحل  كامل عراب والتي صدرت في كتاب تحت عنوان ا أتذكر..لا أتذكر ا عن الهيئة العامة للثقافة التابعة لحكومة الوفاق الوطني..

أول المآخذ على السيرة أنها جاءت مليئة بالأخطاء الطباعية واللغوية للأسف،  كما لو أن الكتاب طبع مباشرة دون المرور بمرحلة التجارب والمراجعة والتدقيق وإعادة التدقيق بما يليق بنص لواحد من أهم  الكتاب الليبيين المعاصرين..

ثاني المآخذ أن سيرة كامل عراب لم تكن سيرة ذاتية بالمعنى المعروف  بل جاءت أشبه بإعادة قراءة وتقييم بأثر رجعي لأنظمة الحكم التي توالت على ليبيا قبل 2011..لقد بدت سيرة الكاتب التي قدمها على شكل مقتطفات غير مترابطة وكأنها خلفية لآراء الكاتب في الشأن السياسي العام بدل أن يكون الأمر بالعكس كما هو الشأن في سير الأشخاص من غير المشتغلين في شؤون السياسة والحكم..

ربما كان للظرف العام الذي كتبت فيه هذه الأوراق بتقنية التذكر دور حاسم في تحديد طبيعة مادتها التبريرية..وهذا ما يجعل القارىء في حالة قلق من قبول رواية الكاتب للأحداث والوقائع كما هي دون التفكير في احتمالية تعرضها لإعادة التركيب والصياغة بما يخدم خطاب المرحلة وخصوصيتها الحرجة..

على أية حال السيرة الذاتية فن غير مطروق بكثافة في ليبيا وقبل ذلك ليس ثمة معايير محددة وثابتة تحكمها وتلزم الكاتب باتباعها..وإذا كان عدد من الوقائع المذكورة في سيرة الراحل كامل عراب مايزال بعض شهودها على قيد الحياة ، فلعل الظروف تسمح لهم ذات يوم بتأكيد صدقيتها أو التعديل في روايتها وهذا لايعيب في شيء قيمة وأهمية كتاب الأديب الراحل ..

لقد كان كتاب ا أتذكر ..لا أتذكر ا قبل كل شيء  وبعد كل شيء وبرغم كل المآخذ الموضوعية التي يمكن تسجيلها  شهادة مهمة على المرحلة التي عاشهاالكاتب سياسيا واجتماعيا وثقافيا وتستمد أهميتها من القيمة المعرفية والأدبية لاسم كاتبها الراحل الكبير كامل عراب ..

 

شاهد أيضاً

(عن ايام الطباعة نار ورصاص واورام )

زكريا العنقودي انا ولد مطبعة وكبرت من عمري 15 العام بين الحبر والاوراق ، وللعلم …