منصة الصباح

حوار خاص لصحيفة الصباح مع العميد محمد قنونو الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني الليبي..

حاوره : المحرر السياسي

بعد تحرير جنوب طرابلس.. وترهونة.. وقاعدة الوطية التي تعتبر  أهم معاقل المتمرد وحلفائه من المرتزقة في المنطقة الغربية.. ومن ثم انتقال المعارك إلى مشارف سرت والجفرة لتصبح على تخوم المنطقة الشرقية في ظرف زمني قياسي ومفاجيء.. برغم ان اللغط في وسائل الاعلام الداعمة للعدوان كان حتى اسابيع قليلة مضت يتناول مواعيد افتراضية  للوصول الى جزيرة الفرناح في وسط العاصمة التي تصدت لهجوم عسكري عنيف وقصف عشوائي ومنهجي لم يهدأ طوال أربعة عشر شهرا طال المدنيين ومنازل الامنين امام بصر وسمع العالم اجمع .. كان لابد لصحيفة الصباح من وقفة للحوار  مع احد المع قادة عملية بركان الغضب الناطق الرسمي باسم الجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق الوطني العميد طيار محمد قنونو ..حدثنا عبر أسئلة معدة مسبقا عن عوامل التبدلات في موازين معركة طرابلس وعن دور سلاح الجو في الحسم ..وعن الجهود التي تبذل لتفكيك الألغام في منازل المواطنين في الضواحي الجنوبية للعاصمة ..وعن مقابر ترهونة الجماعية ..وأسباب تأخر تحرير سرت ..وعن الطموحات في اعادة بناء المؤسسة العسكرية ..وقضايا اخرى راهنة لاتقل اهمية في هذه المرحلة المفصلية من التاريخ الوطني الليبي ….

 

1-    غير دعم الحليف التركي الذي أعاد للمعادلة العسكرية والسياسية بعض توازنها.. ماهي أهم العوامل التي غيرت مجرى المعارك في طرابلس والمنطقة الغربية لصالح قوات الجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق الوطني..؟

نتحدث عن معركة امتدت لأكثر من عام، لكل يوم فيها حساباته ومفاجآته وإكراهاته، لقد ابتدأت معركتنا بأقل الإمكانيات واستطعنا تطوير إمكانياتنا لمواجهة الترسانة العسكرية الهائلة التي هاجمتنا منذ الرابع من أبريل 2019م، بدعم لامحدود من دول إقليمية وغربية كما بات معلوما للجميع، إن لم يكن من خلال كلامنا فمن خلال التقارير الأممية التي صدرت عن الأمم المتحدة ومنظماتها.

كنا الأكثر صبرا، حتى والطيران المسير والحربي الداعم لحفتر يسيطر على السماء، بمساعدة منظومات الدفاع الجوي، والمرتزقة من شتى الجنسيات، مع ذلك لم يتمكن من تحقيق أي انتصار يذكر، ولم يصل حتى جزيرة الفرناج.

كانت استعادتنا للسيطرة الجوية عاملا مهما لاستعادة زمام المبادرة ، وقد مكننا الطيران المسير الذي امتلكناه مؤخرا من تدمير منظومات الدفاع الجوي، وأنهينا السيطرة الجوية للعدو التي ارتكبت المجازر بحق المدنيين في العاصمة طرابلس من أمثال مجزرة آل اقشيرة ومجزرة طلاب الكلية العسكرية، ومجزرة مركز إيواء المهاجرين، والكثير غيرها.

لا ننسى هنا الإشادة بعزيمة الأبطال الذين حرروا غريان والعزيزية ومناطق أخرى وصمدوا في وجه الفاغنر وترسانتهم طيلة أشهر، وتمكنوا من الانقضاض في الوقت المناسب لاستعادة أمن العاصمة، ودحر الغزاة.

 

2-  حدثنا عن حجم الدور الذي لعبه سلاح الجو الليبي في دحر القوات المعادية وتطهير الغرب  من المليشيات والمرتزقة في هذ الزمن القصير نسبيا؟

الطيران الحربي الليبي طيران متهالك ومتخلف تقنيا، وقد سقطت لنا طائرة كانت تقلع من معيتيقة لتهبط في مصراتة في شهر مايو الماضي واستشهد طاقمها وهو يحاول الهبوط بها على الطريق الساحلي، لكن هذه الحقائق لم تجعلنا نرمي المنديل، بل واجهنا كل هذه التحديات، ونزعم اليوم أن الطيران كان أحد عوامل الحسم، خاصة في قطع الإمدادات، ومطاردة المطلوبين للعدالة، وفي بسط السيطرة على قاعدة الوطية التي كانت خنجرا في الظهر، وبامتلاكنا للطيران المسير وصلنا إلى الجفرة، وقدمنا للعالم دليلا واضحا على تورط الضباط الإماراتيين في العدوان.

ثم إننا تمكنا من تطوير قدراتنا الدفاعية لليوم وغدا. فحدود بلادنا ممتدة ونحتاج لمراقبتها، لقطع الطريق على الإرهاب والتهريب والجريمة المنظمة.

 

3 –  ماهي أسباب تأخر عملية بركان الغضب في تحرير مدينة سرت الاستراتيجية.. وهل هناك إعداد كاف للتعامل مع الألغام والمفخخات على نحو ما حدث في جنوب طرابلس؟..

السؤال حول سرت مبرر، ويدل على قلق وحرص، لكنه من الناحية العسكرية غير صحيح، فالإعداد لأي معركة يستغرق وقته، هذا الوقت تحكمه عوامل عدة، بعضها ليس عسكري، لكننا نستكمل استعداداتنا وننتظر الأوامر التي تصدر متى تهيأت الظروف للإنجاز بأقل الخسائر، وبالمناسبة فالإعداد لدخول ترهونة استغرق وقتا أطول من سرت، وليست المعركة الأخيرة الحاسمة إلا تتويجا لعمل طويل مضن، ونعتقد أننا حققنا أهدافنا بأقل الخسائر الممكنة، ونرجو أن نحقق ذلك في كامل التراب الليبي.

بالنسبة للألغام لدينا فرق تعمل، وقد طلبنا المساعدة من المنظمات الدولية والدول الصديقة، خاصة بعد العدد الكبير من الضحايا سواء من المدنيين أو فرق الهندسة العسكرية، وبهذه المناسبة فإننا ندعو المواطنين للتعاون مع فرقنا العاملة فسلامتهم هي الأهم، ودخولهم للمناطق الملغومة يشكل خطرا عليهم ويسبب إرباكا لرجالنا.

 

4-  العامل السياسي في مقابل الوضع الميداني هما ما يحددان هامش القرار العسكري وأيضا سلة الأهداف.. في ظل المعطيات الميدانية والسياسية الراهنة هل ترون أن عمليات التحرير يمكن أن تمتد إلى ما بعد سرت والجفرة..

نحن نستعد لبسط سلطان الدولة على كل شبر من ليبيا، قد تختلف التكتيكات والأساليب، لكن لا تراجع عن هذا الهدف، فكما يعلم الجميع هناك مدن دخلناها دون قتال، إما بالتنسيق مع رجالنا في داخلها أو بالتنسيق مع أهلها مسبقا، أو بإعلان ولائها للحكومة الشرعية، وفي كل خير، أما الحرب فستكون الحل عندما تنعدم الحلول.

 

 5-نعود إلى عملية تحرير جنوب طرابلس وترهونة والمفخخات المزروعة في بيوت المواطنين كم تقدرون الوقت الذي ستستغرقه جهود تطهيرها من الألغام؟ وما هو حجم القدرات الفنية التي استعانت بها الميليشيات الإجرامية في نشرها على هذا النطاق الواسع..؟

الألغام التي رصدناها نوعان، بعضها بدائي جدا، ويبدو أن الهدف منها فقط الإيذاء، فلا فائدة يجنيها المقاتل من لغم يزرعه في لعبة طفل.. وبعضها الآخر زرع بهدف التحصين لمواقع تمركز عسكرية، ومن الواضح أنها زرعت بأيد خبيرة نعتقد أنها أجنبية. وهذه نحتاج إلى عتاد وتجهيزات مختلفة للتعامل معها، وهي تحديدا ما طلبنا من منظمات دولية ودول صديقة مساعدتنا للتعامل معها. أما الوقت فهي مسألة فنية من الصعب تحديدها الآن. سنعمل أولا على تهيئة عودة النازحين، ثم نتجه إلى المواقع الأخرى، ونرجو أن لا يطول الأمر.

 

قنونو : نستعد لبسط سلطان الدولة على كل شبر من ليبيا وقد تختلف التكتيكات والأساليب لكن لا تراجع عن هذا الهدف ..

6 –  إلى أين وصلت عمليات البحث عن المقابر الجماعية التي خلفتها مليشيا الكاني في مدينة ترهونة وما هي الحصيلة النهائية لعدد الضحايا حتى الآن..؟

عملية الإبادة التي تعرضت لها عائلات بأكملها في ترهونة يجب أن نتوقف عندها طويلا، ولا نتجاوزها حتى تستوفى الحقوق ويعاقب الجناة ويجبر الضرر، إلا إذا أردنا أن يتكرر هذا مرة ومرات، لدينا أشخاص دفنوا أحياء مقيدي الأيدي والأجل، ولدينا أطفال دون سن التكليف قتلوا بدم بارد، ونساء اختطفن من بيوتهن وقتلن ودفنت جثثهن في مقابر مجهولة، ولازال لدينا مفقودين.

الآن العمل على الكشف عن كل هذه الممارسات، والمقابر، ويجب أن يأخذ الموضوع كل أبعاده القانونية والإنسانية والأخلاقية والسياسية، يجب أن لا نجعله يمر مرور الكرام، وعلى عاتقكم كإعلاميين مسؤولية جسيمة، فلا تخذلونا. وتخذلوا الضحايا وعوائلهم.

 

7 –  ما الذي يمكن أن يحققه الجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق الوطني من الانخراط في لجنة 5 + 5 والدفع باتجاه قطع الطريق أمام التدخل الخارجي الداعم  للمتمرد وميليشياته ومرتزقته؟..

لن نضع العصي في العجلة، من صالحنا أن تتوقف الحرب، فلا خير فيها، لكننا لن نفرط في حقوق بلدنا وسيادة دولتنا، لن نسمح بوجود قوات أجنبية بشكل غير شرعي فوق ترابنا، ولن نسمح بوجود مجرمي الحرب يسرحون ويمرحون ويتقلدون المناصب، من حقنا تأمين حدودنا وحماية أجوائنا، والدفاع عن أمننا القومي، وليس لأحد أراضيه محتلة أن يصدر لنا أزماته، ويعلمنا كيف نستفيد من مقدراتنا.

 

8-   بعد اللغط الذي ظهر على صفحات التواصل الاجتماعي هل لنا ان نسأل عن مدى الترابط والانسجام بين القيادة السياسية وقيادة عملية بركان الغضب؟

لو لم تعمل القيادة العسكرية لعملية بركان الغضب تحت القيادة السياسية فلماذا نحارب؟ ألسنا نحارب من يريد أن يضع القيادة السياسية بيد عسكري مستبد؟ قيادة عملية بركان الغضب كُلفت بقرار من القائد الأعلى الذي هو نفسه القيادة السياسية للبلد، ولم تخرج يوما عن الأهداف المرسومة لها، كما أن لها لقاءات وتنسيقا دائما مع القيادة السياسية، وهناك انسجام تام معها، وهذا ظاهر في النتائج، فعن أي لغط نتحدث؟

 

9 – هل هناك رؤية أو خطة جاهزة ومتفق عليها لإعادة بناء مؤسسة الجيش ودمج القوات الرديفة والمساندة في السلكين العسكري والشرطي؟

بالنسبة للشرطة فهناك وزارة الداخلية، ولست أملك كل التفاصيل، لكني أعلم أن هناك خطوات اتخذت لبناء المؤسسة الأمنية.

أما بالنسبة لإعادة بناء مؤسسة الجيش، فرغم أننا ندرب بعض الدفعات الآن، ونخرج دفعات تابعة لقوة مكافحة الإرهاب، لكن هناك خطوات مهمة وحاسمة يجب أن تتخذ، فمؤسسة الجيش هي إحدى رموز الوحدة الوطنية، ولا أستطيع أن أقول إن تخريج الدفعات وتدريب غيرها هما كل شيء، أو أن عقد الاتفاقيات مع دول صديقة لتدريب الجيش سيكون كافيا، الأمر أعمق من ذلك ويناقش على أعلى مستوى، لكن علينا أن نبدأ.. والحديث يطول.

 

10-  أخيرا ماهي رؤية القيادة العسكرية التابعة لحكومة الوفاق الوطني لملامح المصالحة المجتمعية الشاملة وإنهاء الاحتقان والتناحر الجهوي والقبلي  بالتوازي مع المسار السياسي نحو العملية الديمقراطية..؟

القيادة العسكرية ستكون داعما للمصالحة الوطنية الشاملة، المبنية على أسس صحيحة، تتضمن جبر الضرر وإنصاف المظلوم والأخذ على يد الظالم، هناك جرائم لا تسقط بالتقادم، وجرائم لا يغفرها العفو العام، وتجاوز هذه الخطوات سيكون بمثابة طمر للنار تحت الرماد. وستتفجر الأوضاع في أي لحظة.

علينا أن نكون واثقين في خطواتنا، وإذا شئنا الرفعة لبلادنا فعلينا أن نضحي ونتنازل من أجلها، والمؤسسة العسكرية بكل مكوناتها ستكون صمام الأمان ضد الخطر الخارجي، وستحمي العملية الديمقراطية، والدستور، وللشعب أن يقرر مستقبله، وسنكون في خدمته.

 

 11- لماذا لا يصار إلى إصدار قانون عفو عام عن كل من يترك السلاح ويعود إلى بيته ويجنح للسلم دون مطالبته بتسليم نفسه للقوات الشرعية؟..

من الوارد صدور قانون عفو عام، ونشجعه، لكنه سيكون في الحق العام، ولا يشمل حقوق الأفراد في التقاضي، ولا يشمل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

وفي العموم لو كان هناك ما سينهي الصراع فلسنا من سيقف ضده، لكننا نخشى أن يكون ذلك دافعا لاستيفاء الحقوق بالذات، والعودة لنقطة البداية، خاصة في وجود دول تتربص بنا وتسعى لعرقلة قيام دولتنا. لا باركها الله.

شاهد أيضاً

حكومة الوحدة تناقش مع صندوق النقد الدولي المؤشرات للاقتصاد الوطني

ناقش وفد حكومة الوحدة الوطنية في واشنطن يناقش مع المدير التنفيذي بصندوق النقد الدولي بهادور …