منصة الصباح

بشــــــــــــــــاعة

كلمة

فتحية الجديدي

صورة بشعة مستوحاة من واقع بائس، هو انعكاس لمرارة ما هو موجود, لن تمحيهاالصور الناطقة بالبهجة والمخضبة بألوان مشتقة من الفرح مهما تعددت, ولن يخفف من وطأتها كل الآمال المرسلة من قلوب متمنية, فتظل باهتة ومعتمة, لا نستطيع  قراءتها إلا من منظور واحد, يتعلق بعجز المؤتمنين على عيشنا, في أن يوفروا أدنى درجات الأمان – بأنواعه – لأولئك البسطاء “البؤساء”.

ذات صدفة, وجدتها على قارعة الطريق, تتعدد وجوهها وعناوينها والمادة المستخدمة في متنها, أما ملامحها فهي تحاكي المارة بكل مرارة واستهجان.

لا أتكلم على فضاءات ولا جماليات ولا معمار ولا أثر أو نقش أو رمز  ، بل لوحة “حزينة ” لأطفال دون سن التكوين الجسدي لشخص بالغ أو ربما حتى قادر على صغير المهام, وتحت رعاية الشارع ومظلة التسول.

أسباب تلك البرقشة القبيحة أوجدها سيطرة الحاجة وغياب الرعيل الأبوي وغفلة المسؤولين وتغاضي وزارة الشؤون الاجتماعية عن مهامها .. أربعة أطفال, أكبرهم أصغر من أن يتحمل غول الموت وخطورة السير وسط سيارات مسرعة أو السقوط في فخ المتاجرة ، أما الصغير فهو ما جعلني أكتب بحرقة, على من هم في عمره.

هذا الصغير وبدل أن يرفل في الألعاب المنزلية, تحت حنان والديه, حمل كيساً به علب مناديل جيب صغيرة, كانت حجته – أو لنكن صادقين حجة من دفعه للتسول, ابتغاء الحصول على مال, يسد قليلاً من رمق حاجته.

يقطع الطريق ذهاباً وإياباً, بثيابه الرثة ومظهرة المتسخ, لا يعي من ذاك المجتمع الذي لا ينتمي إليه, والمجتمع – بعناصره  المارة – ينظر إليه تارة باستغراب شديد, لضآلة جسمه ونحوله وطفولته التي خرجت من بين أصابعه صوب نوافذ الزجاج السيارات بعبارات لا تكاد تسمع.

ما إن فقت من هول الصدمة, وبردت – بفعل الوقت – بعض من حرقة قلبي حتى تساءلت : أين الجهات المسؤولة – لو سمحتم !  لماذا لا يوجد جهاز مكافحة التسول, يكون صميم عمله حماية الأطفال والقصر في الشوارع ؟ وأين هي الشؤون الاجتماعية التي لا أعتقد أنها غائبة عما يحدث بالشوارع ؟.

تلك الوزارة التي تعلق قلب مسؤوليها بالاجتماعات المعلبة, وابتعدت عن عملها الميداني ! ثم أين المسؤولون الحكومة .. فهؤلاء الأطفال يحتاجون صدراً حانية وأماً رؤوماً, وكماً لا يوصف من الاحتواء والحنان , لا قساوة بشرية تقضي على فئة هي أحوج بأن تكون بين أحضان أسرة اجتماعية بديلة, إن غابت عنهم أسرهم الحقيقية.

فكيف لأطفال لا تتجاوز أعمارهم أربع أو خمس سنوات أن يسوحوا في الشوارع, في بلد يراعي النظام والروابط الاجتماعية ! كيف لنا أن نتجول وسط المدينة من الضجر لنشاهد التلوث الإنساني في أبشع صوره, يضرب عاطفتنا ويلامسنا من الداخل وأطفالنا يفترشون الأرض ويتغلفون بسخونة الشمس والمسؤول في نوم عميق.

كيف لنا أن نقاسم وجع الآخرين ونحن لا نحسن الوصول إلى عمق وجع هؤلاء, في ظل غياب الواجب المناط بوزارة أوجدت لتستمع إلى هم المغبونين وتواسيهم وتساعدهم.

وأمام ما رأيت ها أنذا أطلق دعة لإلغاء هذه الوزارة .. وليكن العمل الإنساني للإنسانيين .. وكفى تجاهلاً لواقع مرير وصرفاً لميزانيات “على الفاضي” .

شاهد أيضاً

وفد صندوق دعم الإعلاميين يزور عميد المصورين محمد كرازة

زار وفد من صندوق دعم الإعلاميين مساء اليوم الخميس، منزل عميد المصورين الليبيين الصحفي محمد …