منصة الصباح

الأمين

فتحية الجديدي

____

رجل ينأي بنفسه عن مخاضات القيمة ، وصوت عقله أقوى من حنجرته وإن اختلف عليه البعض واتفق معه آخرون ، ورآه بعضهم من زوايا واحدة أو شخصية تمثل قيمة في حد ذاتها وفكرًا وتجربة ، وربما قد يشاهده من عاصروه بأنه رفيق لمرحلة زخمة بالعمل والمتغيرات في آن واحد، أو كونوا معه مشهدا من المشاهد المختلفة سواء في الحقل السياسي أو الأدبي أو الشأن المحلي.
أما بالنسبة لي فهو رفيق لأكثر من خمسة وعشرين عامًا، عندما كنت لا اعرف من الأوساط المختلفة إلا النزر اليسير من الشخوص وفتحت أمامي فرصة لأن أكون جزءًا من وسط مهم فيما بعد – بجهد أعتقد أنه مضاعف أمام تحديات ومعارك تكاد تكون جسيمة مع الحياة بما فيها وصعوبات أنهكت جسدي النحيل حينها.
كان يسميني «غزالة » تارة وأخرى ينعتني بوصف مؤنث لشيء عاصرناه ودونته بمذكراتي وأسماء أخرى لا أرى غرابة في إطلاقها عندما أكون في استقباله في كل مرة يزورنا بالصحيفة منذ سنة 1997 وأراه قادمًا من بعيد باحثًا عن تلك الإنسانة التي تفشي له أسرارها ويخبرها جملته الشهيرة (أحييك بحرارة ) وترد ( وبمرارة !) فكان لها وقع حينها في اطلاعه على واقع كنت أعيشه ، وتصبرني كلماته .. «كوني كذا ..ديري كذا» ، ولم أنس حديثه عن اليوميات والمواقف وربطها ببعض فهو بارع في هذه الجزئية، حتى وقفت على إصداراته الثلاثة في سلسلته المعروفة بعد سنوات من صدورها ، لا أترك يده حين اشعر بالخوف من المجهول أو أتوجس من فعلة ارتكبتها في جلسات اعتدتها معه بحثًا عن أبي الذي ضاع مني في عمر أحوج ما أكون له ، ورجل ربما لم أفلح في اختياره و آخر خسرته بقدر الموت و صديق فشلت في الاحتفاظ به، فكان كل هؤلاء في زمن لم يكن فيه السند الآخر موجودًا.
احتميت به ولم يعرف الناس إنه الشخص الوحيد الذي يرفض ضعفي ولا يتلذذ به وسط ذئاب المراحل وأنياب المصالح والأغراض حتى شعرت بمسؤوليته تجاهي في أول تجربة حياتية مع حفظ تفاصيلها وحرصه الشديد على أن أكون أنا ، نعم إنه أمين على روحي وشبابي وطيشي ونضجي أيضًا.
شكرا أمين مازن حفظك الله وأمد في عمرك .

شاهد أيضاً

مباريات الدربي

عبد الرزاق الداهش ——- قبل كل مباراة ديربي، ندخلُ في صداعٍ عن مكان المباراة، وتوقيتها، …