منصة الصباح

أب بعيد8

ترجمة : مأمون الزائدي

21

القرارات.

مثل معماري محموم، رسمت ما انوي القيام به يوم السبت بينما يغسل مطر الفجر بعيدا الأوساخ المتراكمة على النوافذ.

جدول أعمالي كان كالتالي:

واحد، رسم جدول أعمال

اثنين، زيارة كريستيان

ثلاثة، تناول طعام الإفطار مع ماما وإقناعها، بطريقة أو بأخرى

أربعة، نقود غوتيريز

خمسة، اتفاق غوتيريز، تعليمات دقيقة، أي القطار

ستة، تيريزا

سبعة الاستنتاجات (يجب أن يكون هناك أي منها)

في الطاحونة وجدت كريستيان، حليقا تماما، يرتدي، قبعة شيف طويلة أنيقة وسترة من الكتان المألوف جعلته يكاد يبدو مثل قائد يخت. اليوم لا يستعمل مريوله العادي ذلك الذي يغبره الدقيق وتزينه بقع النبيذ الأحمر.

«لم أخبز السبت الماضي، وزبائني غاضبون. يخشون أنا لا أذهب لتسليم البضاعة، لذا يأتون إلى هنا للحصول عليها بأنفسهم لقد اشتريت هذا الزي من انغول. هل أعجبك؟»

«هل وجدت في نفس المحل الذي اشتريت منه بطاقة ديغا البريدية وراقصات الباليه؟»

احمر كريستيان ودسّ ستة من أرغفة ماراكيتا، الساخنة من الفرن، في قفة من الخيش. الأرغفة ملفوفة في قطعة قماش بلون السماء الزرقاء وزهرة الجرس التشيلية الحمراء مطرزة في أركانها.

«كان المال الفتاة يوم السبت الماضي قرضاً. أنت مدين لي، يا جاك. «

«سوف أدفع لك في أقرب وقت أحصل على أتعاب الترجمة.»

«حسنا.»

22

اليوم استيقظت قبل أمي. وضعت البن المطحون في المصفاة القماشية وسكبت الماء المغلي فوقها. الحليب يسخن على الموقد فيما أقطع قطعتين من جبن مانتيكوسو الزبدي، لا تزال طازجة داخل ورق لفها المشمع. حولت علبة مربى فارغة إلى إناء الزهور، ملئتها بالماء، وحاولت فيها موازنة زهرة أقحوان قدر استطاعتي.

أتت أمي لتعد الإفطار لتفاجأ بأن كل شيء كان جاهزا. غسلت شعرها في الحمام ولفته في منشفة زرقاء. تفوح رائحة الخزامى حولها. وضعت السكر في فنجان القهوة والحليب وحركته بملعقة صغيرة، ونظرت لي بارتياب وضعت مرفقي على مفرش المائدة وذقني في كفي يدي.

«ما الذي لدينا للمناقشة؟»

«حياتك، ماما العزيزة.»

«نحن بصدد الحديث عن حياتي؟»

«نعم فعلا. عن شعورك، حول ما تحتاجينه «.

«اشعر انني بخير، وأنا لست بحاجة إلى أي شيء.»

«لكن لا تخرجين ابداً يديك شاحبتان من غسل الكثير من الشراشف ومفارش المائدة «.

«ليس هناك الكثير لنراه في كونتيولمو.»

«ولكن هل يمكن أن نذهب إلى مكان ما خارج القرية. انغول، على سبيل المثال «.

«وأعود بحمى مثلك؟»

«لديك معطف الفراء الخاص بك.»

«انه فاخر جدا كي ارتديه في تلك المناطق النائية.»

مضغت ببطء واحدا من أرغفة الطحان الصغيرة مع شريحة من الجبن ورشفت بلا صوت القهوة والحليب. وضعت يدي في جيب قميصي وناولتها المغلف.

«ما هذا؟»

«تذكرة مجانية لفيلم يعرض هذه الليلة.»

«أنت مجنون. أنا، اذهب إلى السينما؟ «

« اعتدت دائما الذهاب الى السينما في سانتياغو. كنت تقولين لي قصص كل ما رأيت. الآن أنت دائما صامتة. يبدو الأمر وكأن شيئاً قد أكل لسانك وقلبك «.

«ساعتين على متن القطار لرؤية فيلم؟»

الآن أخرجت تذكرتي لانغول من جيب البنطلون.

«جاك؟»

«مامي؟»

«الحمى.»

«ماذا عنها؟»

«اعتقد انها أحدثت بك بعض الضرر.»

تطلعت في تذكرة السينما في يد وتذكرة القطار في الأخرى. وبهزة فكت المنشفة التي تمسك شعرها، عبقت رائحة الخزامى في المطبخ بشكل رائع. شربت قهوتي وانا ابتسم موافقاً في وجهها.

«أنت تخفي شيئا عني، يا جاك.»

«نعم فعلا.»

«ما هو؟»

« أفضل ألا أخبرك.»

«إذا لم تخبرني، فلن أذهب إلى صالة السينما.»

مضغت شطيرتي، دون أن ارفع عيني عنها. من الصعب عقد الصفقات مع أمي فعلى سبيل المثال، إذا كنت أخبرتها ما أنوي أن أخبرها به، لا يعني ذلك أنها سوف تذهب تلقائيا إلى السينما.

«أريد أن يكون وحدي في المنزل هذه الليلة.»

« يقول الطحان إنك تريد الانتحار».

«انه ثرثار.»

«إذا كنت الانتحار، سأقتلك»، قالت مبتسمة.

ومررت إصبعها على شفتي كما لو كانت تقطع عهدا.

«في الواقع، ماما، الحقيقة هي أن هناك هذه الفتاة.»

«من القرية؟»

«مم-هم.»

«هل أعرفها؟»

«لا أعتقد أن هناك شخص في هذا القرية ولا تعرفينه «.

«هل هي جميلة؟»

«جدا.»

«تيريزا غوتييريز!»

«نعم، تيريزا غوتيريز، ماما.»

«وهي ستنام معك؟»

ارتشفنا القهوة لفترة من الوقت دون أن نقول أي شيء. داخل الكنيسة، دق القس الجرس، الأولى من سبعة دقات.

«أنا لا أعرف، ماما. لا يمكنك التنبؤ بهذه الأمور «.

«ما هو الفيلم بعد ظهر يوم السبت؟ فيلم ويسترن؟ «

«لا الويسترن هذا الأسبوع. يعرضون اليوم فيلم آنا ماغناني وأنطوني كوين «.

« عما يتحدث الفيلم؟»

«قرأت ملخصا في الشاشة. تم إعداده في جزء ناء من الولايات المتحدة. هو أرمل، وهي تأتي لتحل محل زوجته المتوفية. ولكنه بعد ذلك يمضي كل وقته بمقارنة هذه الزوجة الجديدة مع تلك المتوفية. ثم تقع في الحب مع رجل شاب «

«أين سأنام في انغول؟»

الشمس تنتشر ببطء على مفرش المائدة الريفي. عندما تصل أشعتها الى سلة الخبز، ترفع ماما القماش الذي يغطي الأرغفة الصغيرة وتعرضهم لأشعة الشمس.

أنا اضغط أجفاني معا بقوة، وهي وسيلة اتبعها للسيطرة على أعصابي. وأخذ رغيفا من الخبز واكسره بدون غرض. لم اعد أريد أن أكل المزيد.

«الله سيرزقنا «، قلت ببطء.

في الحقيقة، كنت ابتهل ببطء.

23

في العاشرة صباحا، كنت على موعد مع أوغستو غوتييريز في ملعب كرة السلة في المدرسة. ظهر بنظاراته الكبيرة، مرتدياً بنطال جينز قصير وحذاء رياضيا.

أمرر له الكرة وأشاهد كيف يدخلها السلة من تسديدته الأولى.

عرفت أن هذا يوم حظه.

جلسنا على جذع شجرة بالقرب من المدرجات قليلا، وقبلت سيجارة ريتشموند التي قدمها لي باعتداد بالغ.

«هل أحضرت ما طلبته منك؟»

اخرج الأوراق النقدية من جيبه، عشرون ألف بيزو عقدت معا بالشريط المطاطي الأصفر. أخذت ثلاثة أوراق ودسستهم في سروالي.

كانت الكرة تحت قدمي اليسرى وانا أحركها. قلت له «هذه سلفة، هل فهمتني؟ عندما يدفع لي عن زازي في المترو، سوف أردها لك «.

« حسنا، يا أستاذ»

«ما هو شعورك؟»

«رهيب. قضيت خمسة عشر ولم يحدث شيء «.

«المشكلة هي أنكم لا يفكرون إلا في عذريتكم عليك الوصول إلى الجنس بطريقة أكثر نعومة «.

« يا أستاذ، إذا كنت دعوتني هنا كي تعطيني درسا، اسمح لي أن أذكرك بأن اليوم هو يوم السبت وليست هناك مدرسة!»

وركل الكرة من تحت قدمي، وانطلق في الملعب، مراوغا الكرة في وجه لاعبين وهمين مثل لاعب كرة قدم. ثم توقف تحت السلة في الطرف الآخر، يركل الكرة ويمسكها في يديه، ويسجل من جديد.

يعود لي في مزاج ممتاز.

«المال الذي أعرته لي،» قلت له «لقد كان لهذا.»

أخرجت تذكرة القطار وطرحتها أمام ركبتيه العارية.

«نحن ذاهبون إلى انغول؟»

«أنت ستذهب انغول.»

«لوحدي؟»

«لم تتوقف عن الصياح كونك خمسة عشر عاما».

شاهد أيضاً

موسى يؤكد ضرورة سرعة ودقة إدخال بيانات الحجاج للمنظومة الإلكترونية

أكد منسق المنطقة الوسطى أ (مصراتة – زليتن – الخمس – مسلاتة) علي محمد موسى …