منصة الصباح

أب بعيد 9

ترجمة : مأمون الزائدي

«لن يسمحوا لي بالدخول، يا أستاذ»

«كيف علمت بذلك؟»

«حاولت قبل عامين.»

«آه، كنت طفلا ذلك الحين.»

حك المنطقة الواقعة بين أنفه وشفتيه ثم طلب مني أن أتحسسها.

«الم تلاحظ؟ بدأ شاربي ينمو «.

يجري تنفيذ الخطة التي وضعتها في الفجر على وجه الدقة. سلمته مغلفاً مع بطاقة بداخله تحتوي على تعليمات الخطوات المقبلة التي عليه اتخاذها.

«افتحه في المنزل، وكن في محطة القطار في الساعة الرابعة.»

«سوف افعل، يا أستاذ»

«تأكد من إحضار كل عنصر في القائمة التي أعطيتك.»

«بالتأكيد.»

«لن تحتاج إلى أكثر من خمسة آلاف بيزو. ليس هناك داع أن تذهب الى هناك بهذا اللفة الكاملة من المال في جيبك «.

«خمسة آلاف. فهمتك.»

«والبس سروالا طويلا وربطة عنق. أنت ذاهب لرؤية سيدة «.

لمس غوتييريز حنجرته كما لو كانت ربطة عنق حمراء معقودة بالفعل حول عنقه.

«خمسة آلاف بيزو، يوميات من حياتي، والسراويل الطويلة»، عدّد.

«ما تبقى من المال يبقى في البيت».

«أنت معلم عظيم، يا أستاذ «

«يمكنك أن تذكر ذلك للقاضي في محكمة الشرطة المحلية عندما يحين الوقت. قد ينتهي بي المطاف في السجن بسبب هذا «.

نظر أوغستو غوتييريز بقلق إلى ساعته وفرقع أصابعه، مشجعا العقارب للمضي قدما دون توقف نحو الرابعة بعد الظهر.

24

في الثالثة وخمسة وخمسون بعد الظهر، كانت المنصة الفارغة عادة في محطة القطار كونتيولمو تشبه مسرحا لتجمع سياسي.

هناك ثلاث مجموعات متميزة بوضوح.

والدتي ملتفة في معطف الفراء، مرتدية قبعة شعر وكأنها خارجة من فيلم من الأربعينات، بقفازات طفل سوداء، ومظلة، والتي كانت تدليها بوجوم.

تيريزا غوتييريز مرتدية تنورة وجاكيت رجالي، مع وشاح رمادي يغطي كتفيها وعنقها، وعند قدميها، حقيبة جلد بلون قهوة شاحبة.

مدير المحطة يحاول ربط الغايات المختلفة معا، وربما حتى يخترع قصة لجميع هذه الشخصيات.

والآن هناك أنا.

أنزف كما لو جراء إصابتي بعيار ناري، ولكن اهجس بحبكتي.

قبل أن اقترب من أبطالي، توجهت لمدير المحطة. أريد أن أوجهه فيما كان يجب أن يقوله عندما يعبر والد أوغستو غوتييريز السكة في بيجامته في وقت لاحق الليلة، يلوح بمصباح يدوي ويبحث عن أولاده أوغستو وتيريزا. مدير المحطة يجب أن يكذب ويقول لوالد تيريزا أنه رأى كليهما يغادران انغول معا.

«هناك الكثير من الحركة اليوم،» أقول.

«مجال واسع. بما في ذلك سينيورا مادري( ) ، أليس كذلك؟ «

«نعم فعلا. انها ذاهبة لانغول لتستلم طردا أرسله والدي لها من باريس «.

«وأبناء غوتيريز».

«وتيريزا ترافق أوغستو إلى المحل لتبادل هدية عيد ميلاد كانت صغيرة جدا بالنسبة له. سترة واقية من الريح مثل جيمس دين «.

«وأنت؟» سألني.

«أنا هنا لأودع أمي.»

تاليا ذهبت الى مجموعة غوتيريز.

تيريزا شاحبة وخالية من التعابير. بقية الطفولة التي حمتها ذات مرة يبدو أن ذابت. انها تقف أمامي، متاحة بيأس لقد ألفت هذه المهزلة عن سفرها إلى انغول حتى أستطيع أن اخلع ملابسها كما أحب، في سريري. هنا في كونتيولمو.

ثم فحصت تلميذي. السراويل الرمادية مناسبة، والسترة الزرقاء مكوية جيدا، وربطة العنق الحمراء مع بقع بيضاء تبدو مرحة جدا، والشعر، مملسا ببعض الهلام العنيد، يجعله بالغا جدا.

وفي خضم كل شيء، مزهوة مثل تفاحة زرقاء، كرة العالم التي ساعدته في الحصول على أعلى درجة في المدرسة في الجغرافيا.

«أنت ستعطي هذه إلى الآنسة لونا».

« العالم وخمسة آلاف بيزو؟»

« العالم أولا، ومن ثم، إذا استدعى الأمر، الخمسة آلاف بيزو.»

جعله يقدم لها العالم كهدية كانت فكرتي.

انجر القطار إلى المحطة، دون داع للصفير. اليوم الكلاب فقط يعبرون المسارات.

أحيانا أعتقد أن مهندس يسحب تلك الصافرة فقط للحفاظ على نفسه من الوقوع في النوم. هادئ وثابت، وخبير مثل هذا القطار، يمكنه أن يصل إلى انغول حتى بدون سائق.

ذهبت الى ماما لأساعدها كي تخطو الى العربة. انحنت لتقبلني على جبهتي. «فلتقضي وقتا طيبا، يا جاك.»

«وأنت أيضا، مامي».

«أخبرني عن ذلك غدا.»

«سوف نخبر بعضنا غدا».

«ما هو اسم فيلم آنا ماغناني؟»

«جامحة هي الريح.»

نفخ مدير المحطة صفرة صغيرة وتحقق من ساعة يده للمرة العاشرة للتأكد من انها الرابعة بعد الظهر، ويتجلى ذلك من حقيقة أن ساعة المنصة قد توقفت بعد عشر دقائق من الثالثة لمدة خمس سنوات.

25

في البيت، كان بالكاد لدي الوقت لأخرج زجاجة عصير الليمون من الثلاجة واصب لتيريزا كوبا قبل أن تبدأ في البكاء. أود أن أسألها ما الأمر وان أواسيها. أتشمم رائحة بشرتها وأداعب شحمة أذنها. ألعق جفونها وابتلع المسكرا الشابة وهي تذوب على لساني.

ولكن قلبي في مكان آخر.

في خفقانه اللاهب يرافق العجلات الثقيلة للقطار المتجه الى صالة السينما في انغول.

كان إميليو يحتاج أما تعتني به.

24 Oct 2016 – 6:37 a.m-

Khoms-Libya

شاهد أيضاً

استعراض مشروع الطريق السريع القطاع الرابع مصراتة راس اجدير

ناقش وكيل وزارة الحكم المحلي لشؤون البلديات مصطفى أحمد سالم مع كل من وكيل وزارة …